عماد عبد المقصود_الاحصاء مشرف
الجنس : عدد المساهمات : 178 نقاط : 546 تاريخ التسجيل : 13/10/2011
| موضوع: اغتيال نابغة الأقمار الصناعيّة والصواريخ بقلم : د . سمير محمود قديح الأحد 23 أكتوبر 2011, 9:48 pm | |
| [b] في 13 يوليو (تموز) عام 1989تلقى قسم شرطة شرق في الإسكندرية بلاغا عن سقوط شخص من أعلى عمارة في شارعطيبة بكامب شيزار على الأرض. صوِّرت القضية على أنها محاولة انتحار،خصوصاً بعدما اكتشف المحققون قطعاً بالوريد وتسريباً للغاز، على نحو يوحيبأن المنتحر كان مصمماً على التخلص من حياته إما بالغاز أو القفز من شقته.
لكن القضية عرفت مساراً آخرعندما اكتشف الجميع أن المقتول هو الدكتور سعيد بدير، الذي سارعت زوجتهإلى اتهام أجهزة المخابرات الإسرائيلية والأميركية بقتله، استناداً إلىمعرفتها بشخصية زوجها الراحل وقالت: {سعيد لا ينتحر أبداً...}.
سعيد نجل الفنان الراحل سيد بدير،تخرجفي الكلية الفنية العسكرية، وعين ضابطاً في القوات المسلحة المصرية، حتىوصل إلى رتبة مقدم وأحيل إلى التقاعد برتبة عقيد بناء على طلبه، بعد أن حصلعلى درجة الدكتوراه من إنكلترا، ثم عمل في أبحاث الأقمار الصناعية فيجامعة ليبزيخ الألمانية الغربية، وتعاقد معها لإجراء أبحاثه طوال عامين،وهناك توصل المهندس الشاب من خلال أبحاثه إلى نتائج متقدمة جعلته يحتلالمرتبة الثالثة من بين 13 عالماً فقط على مستوى العالم في حقل تخصصهالنادر في الهندسة التكنولوجية الخاصة بالصواريخ، وبعدما رفض عرضاً منوكالة الفضاء الأميركية الـ'ناسا' للعمل فيها في مقابل الحصول على الجنسيةالأميركية وأجر مالي ممتاز، شعر بأن حياته وحياة أسرته باتت في خطر، فكتبرسالة إلى الحكومة المصرية يطلب فيها حمايته.
تلقى سعيد اتصالاً من السلطات في القاهرةتطلب منه عودته فوراً الى أرض الوطن وللاسف لقي حتفه على هذه الأرض حيثحلّ خبر وفاته كالصاعقة على أفراد اسرته فاتحاً المجال للتساؤل حول مدىقدرتنا على حماية علمائنا من الأعداء في عقر أوطانهم.
أماأنا الدكتور سمير قديح الباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية وكاتب هذاالموضوع وقول ان هذه العملية قامت بها المخابرات الأميركية، ومن المرجح أنالمخابرات الإسرائيلية شاركت فيها.
تقول سطور القصة القصيرةإن سعيد هو ابن الفنان العظيم الراحل سيد بدير، ولد في يناير عام 1949وفرح به والده الفنان سيد بدير ليس لأنه كان آخر العنقود فحسب، بل لأنه فيسنواته الأولى بدا فائق الذكاء، وكلما كبر ازداد ذكاءً حتى إن أصدقائه فيالمدرسة الثانوية قالوا عنه إنه كتلة من الذكاء على الأرض.
في الثانوية العامةكان سعيد بدير الثاني على مستوى الجمهورية بمجموع خمسة وتسعين في المائةواختار الكلية الفنية العسكرية التي تخرج المهندسين الضباط، واجتازاختباراتها بسهولة، وظل الخط البياني له في ارتفاع حتى أصبح معيداً فيالكلية الفنية العسكرية عام 1972، ثم مدرساً مساعداً في الكلية نفسها، ثممدرساً فيها عام 1981.
توالت إنجازاته العلمية،حتىقيل إنه {يضع يده في الحديد فيتحوّل ذهباً}، وتحول سعيد من مدرس بالفنيةالعسكرية إلى رئيس قسم الموجات والهوائيات في إدارة البحوث والتطويرات فيقيادة القوات الجوية. بدأت مخاوف الأجهزة المخابراتية التابعة للدول غيرالصديقة تصل إلى حد الرعب، خصوصاً أن لمسات سعيد بدأت تظهر في الطيرانالشرقي وتزيده تطويراً بعدما كان سيتم الاستغناء عنه في مصر وبعض الدولالعربية.
تحوّل سعيد عقبة أمام أميركا،وأمامبيع السلاح، لذا بدأت القصة عندما سافر ليكمل تعليمه ويعمل كأستاذ زائر فيجامعة دويسبرغ في ألمانيا الغربية، وكانت مدة العقد سنتين تبدأ في 1987،وتحول سعيد بسرعة إلى اسم لامع في المحافل الدولية، وأكمل تعليمه العاليوحصد دكتوراه في هندسة الإلكترونيات من جامعة {كنت} في إنكلترا.
استمر في مواصلة أبحاثه،حتىصنف من بين 13 عالماً على مستوى العالم في الميكرويف، وكان ترتيبه الثالث،وبدأ في ألمانيا إجراء تجارب علمية على مشروع خاص باسم 254، يتعلّقبالهوائيات والاتصال بالفضاء وإمكان التشويش على سفن الفضاء الأميركية،فعرضت عليه وكالة الـ'ناسا 'الأميركية العمل هناك مقابل مبلغ خياليوالجنسية الأميركية، لكنه رفض حباً في مصر.
وعندما علم بذلك الرئيس المصري حسني مبارك عينه مستشاراً له في مجاله،واستمرسعيد في تجاربه في ألمانيا على أساس أن الإمكانات في مصر غير متاحة لمثلهذه التجارب، وبدأت المخابرات الأميركية تهدده بطريقة غير مباشرة، مثلمحاولة قتل ولده تارة، وزوجته طوراً، وهنا أحس سعيد بالخطر، فأرسل زوجتهوولديه إلى مصر، ثم أرسل خطابا إلى أكبر سلطة في مصر يطلب حمايته، ولماازداد التهديد والخطر قرر أن يعود إلى الوطن.
وذكرت زوجتهأنها وزوجها وابناهما كانوا يكتشفون أثناء وجودهم في ألمانيا عبثاً فيأثاث مسكنهم وسرقة كتب زوجها، ونتيجة لشعورهم بالقلق قررت الأسرة العودةإلى مصر على أن يعود الزوج إلى ألمانيا لاستكمال فترة تعاقده ثم عاد إلىالقاهرة في 8 يونيو (حزيران) عام 1988، وكي يبعد الأنظار عنه قرر أن يفتتحمصنعاً للإلكترونيات لمجرد صرف نظر المخابرات الأميركية عنه، وأعلن عن هذاالمصنع، وطلب شركاء ومساهمين، وانهالت عليه العروض وكان أهمها عرض منألمانيا.
بعد ذلك الإعلان بأسبوع،تحديداً في الإسكندرية في 13 يوليو (تموز) عام 1989 تلقى قسم شرطة شرق فيالإسكندرية بلاغاً عن سقوط شخص من أعلى عمارة في شارع طيبة في كامب شيزارفي ما يبدو أنه انتحار، لذا تم التحقيق في الإسكندرية بهذا الاتجاه، فلاأحد كان يعرف من هو سعيد بدير وقيمته العلمية، ثم وجدوا الغاز مفتوحاً فيشقته وكأنه أراد الانتحار بالغاز وعندما فشل ألقى بنفسه من العمارة! كذلكوجدوا وريد يده مقطوعاً أيضاً، فكأنه أراد الانتحار بطرق الموت كافة.
لكن من يعرف سعيد يؤكد أنه لا يمكن أن ينتحر أبداً،فلا هو بالفاشل في حياته، ولا ينقصه المال مثلاً، وعندما سئلت زوجته في مابعد 'هل تستطيعين أن تقولي إن الموساد والمخابرات الأميركية وراء مصرعزوجك سعيد بدير؟'، أجابت بثقة: {ذلك صحيح وبنسبة كبيرة جداً فسعيد لا ينتحرأبداً}.
بقلم : د . سمير محمود قديح
باحث في الشئون الأمنية والإستراتيجية | |
|